الأربعاء، 24 أكتوبر 2012

العم صابر ..ونشيد العيد السعيد







 
 
 
خرجتُ يوم العيد بملبسي الجديد
أقولُ للاخوانِ هيا الى الدكانِ
فيومنا سعيدٌ وعندنا نقودٌ
نلعبُ طولَ اليوم الى زمان النومِ
نحن نحب العيدا ..نحبُ ان يعودا
فكله جمالُ ..يحبهُ الاطفالُ .
...
 
 
 
 
 
في هذه الكلمات الموسيقية  الجميلة المعبرة أبدأ  كتابة أسطري  المتواضعة
عطرت هذه الكلمات أسماعنا..وكحّلت بها عيووننا في مراحلنا  الدراسية الاولى  ..
كلنا ندرك أن في السنةِ عيدين ..العيد الصغير والعيد الكبير .. نشعر بسعادةٍ لامثيل لها بقدوم العيد ..!!
العيد فرحة ..ولقاء ..وملابس جديدة ..وعيديات ..ولعب ..وهدايا ..
لكننا لم ننسى أبداً أصدقائنا المتعففين والمحتاجين !
لم  نعرف  معنى كلمة فقير  ..لأننا نخجل من أن نقولها حتى لو في السر والخفاء !!
خوفاً من الله ..وخوفاً على مشاعر أصدقائنا ..
.....................

 العم صابر رجلٌ طيب وكريم الى أبعد الحدود ..متسامح حد اللعنة ..!!
يحملُ بين أضلعهِ قلباً محباً لكل الناس ..قلب من الذهب ..
...لم يغادر المدرسة الا بعد ان  يغادرها آخر طالب   وبعدها يبدأ بتنظيف المدرسة وأقفال  كل أبواب الصفوف بعد أن يقوم بتنظيفها  ..
وبعد اتمام  أعماله  يغلق الباب الرئيسي الكبير للمدرسة ...
و تحملهُ أقدامهُ  ماشياً َ الى بيته
شاكراً حامداً الله  ومُقبّلاً يمينهُ بكل رضا ..

...
كنا نتمنى أن نعلم أين يعيش العم صابر؟ كم عدد أولادهُ ؟؟ كيف يأكل وينام و..و..و!! لأننا أطفال كانت أمنياتنا صغيرة  جداً بحجم  قلوبنا الصغيرة  !!
أنا  أحب العم صابر جداً ..فمنذُ اليوم الاول الذي دخلت فيه هذه المدرسة  والى اليوم لم تغادرني صورتهُ الأبوية الرائعة
 يرتدي بدلته القديمة مع غطاء الرأس " اليشماغ الأحمر " ويضع العقال   على الطريقة  الدليمية الجميلة  ..
 نحب العم صابر لأنه حارس المدرسة والرجل الدؤوب في عملهِ ..والمبتسم لنا دوماً .. كالملاك   في هدؤه وطيبة قلبه ..
 يحب كل الطلاب ولا يجرح أيٌّ كان منا  .. لطيف في تعاملهُ  مع الجميع .
..فكلما وقعت عيني في عينهِ كانت تدمع  لطيبتهِ المفرطة
...
 
 ...  .. كنا  في مدرسة نموذجية رائعة جداً   لأبناء  العوائل الميسورة آنذاك
..و النظام الدراسي  في مدرستنا النموذجية  شديد جداً ومتنوع ..تجد فيه دروس الموسيقى  بكل أنواعها والعزف على البيانو وآلة الكمان ودرس اللغة الانكليزية  في الصف الأول  الأبتدائي الى المرحلة الاخيرة  وكان  من اهم هذه الدروس  درس "الأرشاد و الاخلاق" الذي ُينمّي لدى الطالب الشعور بالصداقة الحقيقة واحترام الزميل في مقعد الدراسة ومشاركة هموم الطالب الآخر ..وحل المشاكل  عن طريق الباحثة الأجتماعية  والتي كانت تؤدي دورها بكل جدية وتفاني وأخلاص  ..
  تتمتع  مدرستي النموذجية بأرستقراطية عالية جدا!!   كل الطلاب من المتميزين 
.....
شاءت الأقدار أن تجمعني بأحدى الزميلات وصديقات المرحلة الدراسية للصف الثاني الأبتدائي

 
" أسمها سعدية" كانت من أسرة بسيطة جداً وأنا أحبها. كثيراً .وهي تشاركني مقعد الدراسة
لم أحاول يوماً أن أجرحها بسؤال..! لِمَ هي معنا في مدرستنا النموذجية ؟
بل بالعكس رحبنا بها جميعاً وأحتفلنا بمقدمها في   الصف لتكون صديقةً جديدة لنا جميعاً
.......
 
..من عادات المدرسة ونظامها المتبع مع  بداية كل موسم شتائي تبدأ  مديرة المدرسة بتشكيل لجنة لجمع التبرعات.! ولكنها لم تكن تحت أسم  التبرعات !! بل هي ترزحُ تحت مسمىً آخر أكثر صدقاً ودفئاً : " معونة الشتاء  
سعادتنا لا توصف بجمعنا تبرعات تلك المعونة الشتوية للأصدقاء المحتاجين .
من الملابس ومسحوق الغسيل وانواع من الصابون والسكر والرز وغيرها وحتى اللعب والهدايا ..كلٌ يتبرع بما يحبهُ لأخيهِ  وما يتمناه لنفسه..
تعلمنا من المدرسة أجمل الدروس والعبر التي نفتقدها اليوم في جيلنا الحاضر الجديد  ..
 كانت  هذه من  أهم عادات تلك المدرسة النموذجية ..تطّبعنا بها وجُبلّنا عليها كعادةٍ سنوية
....
 
 
 
 
 
في الأيام التي قدمِتْ بها صديقتي سعدية الى المدرسة  كان العيد على الأبواب وكان الجميع يستعد  لأستقبال العيد السعيد  
كلٌ منا  يحكي لاترابهِ عن نوع الملابس الجديدة التي سيرتديها في هذا اليوم المميز
الا صديقتي  كانت صامتة لاتشاركنا فرحة العيد والحديث عن ملابسها الجديدة !!
بكيتُ كثيراً على صديقتي  التي تجالسني مقعد الدراسة وأنا أقوم بشراء ملابسي التي سأرتديها صباح يوم العيد ..
 تمنيت لو منحتها  فستاني  الجديد   ..
أسرعت الى أبي لأطلب منه مبلغاً من المال لأقدمهُ  الى سعدية ..
فَرِحَ والدي يومها  لما   راودني من صدق في المشاعر
ونكران الذات ..!
قلت له دون تردد : بابا .. جاءت الى صفي طالبة جديدة أسمها سعدية وهي بسيطة ومتعففة ولم تشاركنا فرحة العيد ونحن نَصِفُ ملابسنا الجديدة  ..
__قال والدي   يومها : وما الذي تريدينه مني بالضبط يابسمتي ؟
قلت له :بدلاً من التبرع لمعونة الشتاء أن تعطيني مبلغ من المال  لشراء ثوب العيد الى صديقتي حتى تشاركنا الحديث  بما سترتدي  هي يوم العيد !
قال ضاحكاً  :حبيبتي لكِ ما تتمنين
سررتُ جداً لان سعدية سترتدي فستاناً  جديداً لهذا العيد بدلاً من ملابسها الرثة القديمة...  
 
..في صباح اليوم التالي   وأنا متوجهة الى مدرستي كانت فرحتي كبيرة جداً لما أحملهُ معي في حقيبتي المدرسية   بعد أن  اعطاني أبي مظروفاً فيه مبلغ من المال..   ختم والدي  ذلك المظروف وأغلقهُ جيداً ..! لاخوفاً عليه  من الضياع   !
لكن كانت له حكمة وقد عرفتها  بعد أن كبرت وأصبحتُ أماً لاولادي الخمسة  وعرفت تماماً مالذي كان يدور في بال والدي رحمه الله ..
كان ينبهني الى قول الله عز وجل:
بسم الله الرحمن الرحيم




صدق الله العلي العظيم
....
 
وفي قول الرسول العظيم صلى الله عليه واله وسلم :
(من أخفى صدقتهُ حتى لا تعلم شمالهُ ما تُنفق يمينهُ ) صدق رسول الله
فَرحِتُ   جداً بهذا المظروف وكأنني أحمل ثروة مع العلم أنني لم أعرف  بالضبط  كم هو المبلغ الموجود  داخل المظروف !!
تساؤلات كثيرة ؟؟ وأولها
هل سيكفي لشراء  ثوب جديد لصديقتي   !
هل ستفرح سعدية ؟؟
......
 
...قبل دخول معلمتي الى غرفة الصف .أسرعت لها بتوجيه من أبي وأبلغتها بأن عندي مظروف  لصديقتي سعدية ..وتمنيت على معلمتي بان يبقى الموضوع سراً ..
وافقتني معلمتي على طلبي هذا ولكنها طلبت مني أن أذهب معها الى ادارة المدرسة للقاء السيدة المديرة ..
لحظتها شعرت بقلقٍ وخوف شديد !! بعد أن كنت فرحة وسعيدة بما أحمل معي  ..لا أعلم هل هو الخوف من أدارة المدرسة .!! أو ربما أكون قد اخطأت في شيء ما  داخل غرفة الصف لم يكن لي  به علمٌ أو دراية !
 
 
 
 
دخلنا معاً الى مديرتي و كانت تربطها بعائلتي علاقة صداقة .. ..
رحبت بنا وأبلغتها معلمتي بمبادرتي  وفرحت    بهذا المظروف..
لكنها طلبت مني شخصياً أن أُسلّمْ المظروف بيد سعدية .
أعتذرت باديء الأمر ..لا أتمنى على نفسي أن أجرح  سعدية ..حتى لو كنت أنا  أقرب صديقاتها !
قالت لي المديرة ..بارك الله بكِ أبنتي ..
وليكن لكِ ما ترغبين بهِ
 
 
 
 
 
دقت المديرة جرس الحراس وطلبت أن يأتي والد الطالبة المعنية ..
فاجأني طلب المديرة .
وهل والد سعدية يختبيء خلف باب غرفة الحراس؟؟
وأدهشني  أكثر عندما دخل عمو صابر الى غرفة الأدارة
صرخت بوجهه من الدهشة "
_ع..م..و......ص..ا..ب..ر...!!"
لم أصدق عيني لحظتها ..هل هي حقيقة أم حُلمْ ..!
العم صابر الذي أكُنَ له كل  الود والأحترام والتقدير
 
..... أنتابي شعور غريب وصمتٌ  للحظات ...!!  ثم أخذت أجهش بالبكاء ..!! لم أصدق ما رأت عيني وسمعت أذني ..!
..ضمتني المديرة بين أحضانها وسألتني ...؟
_ لمَ هذا البكاء ؟
قلت لها : لا أدري هل بكائي من شدة الفرح لعلمي بأن  العم صابر هو والد صديقتي
أم حزني على نفسي لأنني ربما أكون قد جرحت العم صابر بهذا المظروف !!
لا أدري لِمَ بكائي !!
فرحَ العم صابر بالمظروف وشكرني وتمنى لي الخير في العيد ولعائلتي ..
بطريقته الهادئة الأبوية التي أحبها  كثيراً
لكنني تمنيت عليه أن يكون الموضوع سراً لا تعلم به سعدية 
وعدني بأنه لا يخبر أبنته بهذا اللقاء الذي تم بحضور مديرة المدرسة ومعلمتي وأنا وهو ..!!   
...ذهبتُ الى صفي مع معلمتي بعد أن سَلّمتْ الأمانة الى العم صابر
شكرتُ القدر الذي جمعني بها وشكرت أبي لدعمه لي في هذا الموقف الشجاع !!
.....
جاء العيد ...وعمّت الفرحة بيتنا الدافيء بحب أبي وحنان أمي  وفرحتي وأخوتي في هذا اليوم السعيد... ولكن فكري مشغول ...  كيف هي سعدية الأن ؟؟ ماذا ترتدي بهذا اليوم ؟؟ هل عَلمِتْ بما دار بيني وبين العم صابر داخل غرفة الأدارة في ذاك الصباح  وووووو عشرات الاسئلة ...
..................
بعد العيد بيوم أو يومين يبدأ الطلاب بالعودة الى مقاعدهم الدراسية ..
وأذا  بي أرى من بعيد في ساحة المدرسة صديقتي سعدية وهي ترتدي ثوباً جميلاً ...مطرزاً ...ملوناً..رائعاً ..

 

...
 
 
 
 
 
 
.أدهشت سعدية... طلاب الصف جميعاً
 
وأنا فرحتُ جداً
لأنها سعيدة ومسروره بملابس العيد الجديدة ...
...عدتُ بعدها الى البيت وشكرتُ والدي وطبعت قبلة على جبينه وقلت له:
بابا .
!...صديقتي  اليوم كانت جميلة جداً


قال أبي لحظتها :
مَن لآ يملِك السعآدَة في نفسِه فلنْ يجدهآ في الخآرجْ ،
لِذآ تعلّمي كيفَ تكونُي سعيدةً  حتى لَو كنت وحِيدة .
فإذآ أسعدتِ نفسَكِ إستطعتِ إسعآدَ مَن هُم حولِك ِ
فَ التغيير يبدأ مِن الدآخِل..

هنيئاً لكِ يابسمتي ..
..._ وبارك الله فيك  وحفظكِ من كل سوء
.....
...دارت الأيام وتوالت السنون ومضى العمر   و لم أفشي سر صديقتي  الرائعة
ووالدها العم صابر الا اليوم ...بعد أثنان وثلاثون عاماً    
 
من الزمن
 
 



 
 
لي عودةٌ معكم أحبتي ..
بأذنه تعالى أن بقينا  وبقيتم
 
 
 
24/ أكتوبر /2012

الأحد، 21 أكتوبر 2012

عيد ..بأي حالٍ عُدتَ ياعيدُ ..!!

 
 
 
 
 
 


 الخلفيات الدعوية  - <!>عيــد .. بأي حال عدت يا عيد <!>

 
 
أقبلَ العيدُ ، ولكنْ ليسَ في الناسِ المسرَّهْ

لا أَرى إلاَّ وُجُوهاً كالحاتٍ مُكْفَهِرَّهْ

كالرَّكايا لم تَدَعْ فيها يدُ الماتِحِ قطرَهْ

أو كمثلِ الرَّوضِ لم تَتْركْ به النكباءُ زهرَهْ

وعيوناً دَنقتْ فيها الأماني المُسْتَحِرَّهْ

فَهْيَ حَيرى ذاهلاتٌ في الذي تهوى وتكرَهْ

وخدوداً باهتاتٍ قد كساها الهَمُّ صُفْرَهْ

وشفاهاً تحذرُ الضحكَ كأنَّ الضحكَ جمرَهْ

ليسَ للقومِ حديثٌ غير شكوى مستمرَّهْ

قد تساوى عندهُمْ لليأسِ نفعٌ ومضرَّهْ

لا تَسَلْ ماذا عراهُمْ كلُّهم يجهل ُ أمرَهْ

حائرٌ كالطائرِ الخائفِ قد ضَيَّعَ وكرَهْ

فوقَهُ البازِيُّ ، والأشْرَاكُ في نجدٍ وحُفْرَهْ

فهو إنْ حَطَّ إلى الغبراءِ شَكَّ السهمُ صدرَهْ

وإذا ما طارَ لاقى قشعمَ الجوِّ وصقرَهْ

كلُّهم يبكي على الأمسِ ويخشى شَرَّ بُكْرَهْ

فهمُ مثل عجوزٍ فقدتْ في البحرِ إبرَهْ

* * *







أيّها الشاكي الليالي إنَّما الغبطةُ فِكْرَهْ

ربَّما اسْتوطَنَتِ الكوخَ وما في الكوخِ كِسْرَهْ

وخَلَتْ منها القصورُ العالياتُ المُشْمَخِرَّهْ

تلمسُ الغصنَ المُعَرَّى فإذا في الغصنِ نُضْرَهْ

وإذا رفَّتْ على القَفْرِ استوى ماءً وخُضْرَهْ

وإذا مَسَّتْ حصاةً صَقَلَتْها فهيَ دُرَّهْ

لَكَ ، ما دامتْ لكَ ، الأرضُ وما فوق المَجَرَّهْ

فإذا ضَيَّعْتَها فالكونُ لا يَعْدِلُ ذَرَّهْ
 
 


أيُّها الباكي رويداً لا يسدُّ الدمعُ ثغرَهْ

أيُّها العابسُ لن تُعطَى على التقطيبِ أُجْرَهْ

لا تكنْ مُرَّاً ، ولا تجعَلْ حياةَ الغيرِ مُرَّهْ

إِنَّ من يبكي لهُ حَوْلٌ على الضحكِ وقُدْرَهْ

فتَهَلَّلْ وتَرَنَّمْ ، فالفتى العابسُ صَخْرَهْ

سَكَنَ الدهرُ وحانتْ غفلةٌ منهُ وغِرَّهْ

إنَّهُ العيدُ … وإنَّ العيدَ مثل العُرْسِ مَرَّهْ
 
 
 
أيليا أبو ماضي ..



 


الجمعة، 19 أكتوبر 2012

رحلة مع أبي الطيب المتنبي ...مفرشي صهوة الحصان ولكن قميصي مسرودة من حديد

 
 
 
 
 
 
وما لحسن في وجه الفتى شرفا ً له ُ .........إذا لم يكن في فعله و الخلائق
أذا أنت لم تعرف لنفسك حقها ............هوانا بها كانت على الناس اهونا
فنفسك أكرمها و إن ضاق مسكن ...........عليك بها فأطلب لنفسك مسكنا
هي النفس ما حملتها تتحمل ..............و للدهر أيام تجور و تعدل ُ
 
 
 
و عاقبة الصبر الجميل جميلة ...............و أفضل أخلاق الرجال التفضل
ملكنا و كان العفو منا سجية .............و لما ملكنا سال الدم ابطح ُ
فحسبكم هذا التفاوت بيننا ................و كل إناء بالذي فيه ِ ينضح
و عينك إن أبدت أليك معايبا ً............. لقوم فقل: يا عين للناس أعين ُ !
 
 
 
و نفسك إن هانت عليك فأنها ............على كل من تلقى أذل ُ و أهون
و ما أقبح التفريط في زمن الصبا ......... فكيف به ِ و الشيب ُ للرأس ِ شامل
و لما تلاقينا قضى الليل نحبه ُ ............ بوجه كوجه الشمس ما ان له مثل
يا جار ُ جار َ علي الظالمون كما .............جاروا عليك و لم ترحل و لم تثر
 

 
ألقاه في الماء مكتوفا ً و قال له ُ ............... إياك َ إياك َ أن تبتل بالماء
هي الدنيا تقول بملء فيها ...............حذار حذار من بطشي و فتكي
أنا و الهم صاحبان كلانا ...................... صادق الود حافظ للعهود
 
 
أبو الطيب المتنبي
 
 
 
 
 
 
 
مفرشي صهوة الحصان ولكن قميصي مسرودة من حديد
رحلة مع أبي الطيب المتنبي
 
 
 
 

المتنبي أحمد بن الحسين الجعفي الكوفي ولد سنة 303هـ الموافق 915مـ في محلة كندة في الكوفة، وتوفي مقتولا على يد رجل قرمطي يدعى فاتك بن أبي جهل الأسدي وذلك في أثناء عودته من مصر،ثم إلى شيراز، فبغداد، فالطريق إلى الكوفة حيث لقي مصرعه مع ولده ( مُحَسَّد، وغلامه ( مفلح ) على مقربة من ( دير العاقول ) في الجانب الغربي من سواد الكوفة معقل الدعوة القرمطية الباطنية في بلاد العراق؛ وكان ذلك في شهر رمضان من سنة 354هـ الموافق سنة 965مـ، فتكون مدة حياته اثنتين وأربعين سنة.

وتنقسم حياته إلى فترتين: الصبا والشباب والتي انتهت في سنة 325هـ ، وفترة الدعوة إلى الثورة على الأوضاع القائمة في عصره، ومحاربته الباطنيين على مختلف أشكالهم، وعلى الأخص القرامطة، واستمرت حتى وفاته.

المتنبي كما يقول النقاد: ( مالئ الدنيا وشاغل الناس )؛ إذ ما زالت ظاهرتان في شعره تحتاجان إلى تفسير؛ الأولى: ميله إلى الثورة -كما أشرت - وعجبه بنفسه؛ والثانية: جهاده ضد فرقة القرامطة الباطنيين على الرغم من اتهام بعضهم المتنبي بأنه كان قرمطيا!! وتنتج من هاتين الظاهرتين تهمة، وجهت إلى المتنبي، وهي ادعاؤه النبوة!!.

صدرت في العصر الحديث بمناسبة مرور ألف عام على وفاة شاعرنا- عدة دراسات تناولت تلك القضايا؛ كان أسبقها في الظهور كتاب محمود شاكر رحمه الله ثم كتاب عبد الوهاب عزام , وطه حسين، وأخيرا دراسة للدكتور محمد محمد حسين ( المتنبي والقرامطة ).

هناك دراسات لبعض المستشرقين تناولت حياة أبي الطيب، وعلى رأسهم بلاشير الذي اتهم المتنبي بأنه متأثر بالقرامطة؛ بينما ماسينيون رجح قرمطيته، وتبعه طه حسين؛ ولكن عبد الوهاب عزام نفى تلك التهمة، وأما محمود شاكر، فقد نفى عنه انتسابه إلى هذه الفرقة الإسماعلية الباطنية، وذهب إلى أنه علوي النسب!!!.

الأستاذ الدكتور محمد محمد حسين يقول في دراسته المختصرة في ص: 34 ( المتنبي والقرامطة ) : (( أما نحن، فنرجح أن المتنبي كان عدوا للقرامطة خاصة، وللباطنية على وجه العموم.....) .وفي هذا المقال، وما سيتبعه من مقالات تتعلق بهذا الشاعر الكبير سنناقش هذه القضايا حتى نتوصل – إن شاء الله – إلى رأي راجح تطمئن إليه النفس.

قبل الدخول في التفاصيل سأعطي نبذة مختصرة عن الباطنية القرمطية, وعن الحالة السياسية في القرن الرابع الهجري ثم أتطرق إلى الوضع العام في الكوفة وما حولها( سواد الكوفة ).

القرامطة شعبة من شعب الباطنية الإسماعلية الشيعية الذين تظاهروا بالدعوة لآل البيت، وإنصاف المظلومين!! والمحرومين من المترفين؛ لكنهم يبطنون الإلحاد وهدم الدين، وتقوم دعوتهم على السرية وإباحة المحرمات، وإسقاط التكاليف الشرعية، ومحاربتهم خصومهم بوحشية وشراسة،وهم أول من استخدم أسلوب الاغتيالات، والإغارة على الآمنين. يقول صاحب الدراسة ( المتنبي والقرامطة ): أصبح أتباع الدعوة الباطنية قوة تبعث الرعب في القلوب منذ القرن الرابع. ففاضت كتب التاريخ بغاراتهم الوحشية حيث قاموا سنة 317هـ بمهاجمة الحجاج في يوم التروية، فأمر أبو طاهر القرمطي بنهب ضيوف الرحمن، وقتلهم في المسجد الحرام وفي داخل الكعبة، وقلع الحجر الأسود، وأخذه إلى هجر في الأحساء، ثم قلع باب البيت العتيق، وطرح قتلاهم في بئر زمزم، وقسم كسوة الكعبة بينهم!!!!!.

لقد اتخذوا من بادية السماوة مسرحا لهجماتهم على الكوفة وغيرها ويدعى زعيمهم آنذاك حمدان قرمط أحد أتباع المذهب الفاطمي ثم خلفه أبو سعيد الجنابي في البحرين ، وذكرويه بن مهرويه في شمال غرب العراق؛ ثم انشق القرمطي عن الفاطميين سياسيا،وفي بعض جوانب العقيدة، ولا سيما عندما ظهر الفاطميون في المغرب أولا ثم في مصر ثانيا، وقد كانوا من قبل في مدينة سلمية في بلاد الشام على بعد ما يقرب من أربعين كيلا غرب مدينة حمص، وإثر دخول الإمام الثاني عشر ( الحسن العسكري )  عليه السلام وهو من نسل الإمام موسى الكاظم بن جعفر الصادق عليهما السلام  السرداب سنة 260هـ في مدينة سامراء بالعراق، ظهرت هذه الفرقة مدعية أن إمامتها تعود إلى أولاد إسماعيل بن جعفر الصادق الذي توفي في حياة أبيه، وانتقلت إلى ابنه محمد الذي ذهب إلى بلاد الديلم وتبعه رجل يدعى الحسن بن الصباح، 1090مـ - 1124مـ مؤسس حركة الحشاشين في قلعة ألموت التي تقع في جبال البزر في إيران بالقرب من بحر قزوين، واستمرت دولتهم حتى سنة 1256مـ حيث طوى بساطهم هولاكو، وأراح العباد منهم, وخلاصة مذهبهم الإباحة المالية والجنسية, وشرب الخمر والإلحاد،والكفر بالأديان، وتفسير القرآن تفسيرا يعتمد على التأويل الباطني، فالإمام عندهم هو وجه الله، والصلاة عندهم الاتجاه القلبي للإمام، والصوم هو عدم إفشاء أسرار الدعوة ، والحج زيارة إمامهم، ومن معتقداتهم أن الله هو العقل الكلي أو المبدع الأول أو السابق والذي يرمز إليه في القرآن بالقلم ، وأن العقل الكلي أبدع النفس الكلية أو المبدع الثاني أو التالي والذي يرمز إليه بالقرآن باللوح المحفوظ، واللوح له صفات القلم؛ ولكن القلم أفضل بالسبق، وهما مشتركان في خلق المخلوقات؛ فالعقل الكلي عندهم يقابله عند المسلمين الله تبارك وتعالى .ثم زعموا – بحسب نظرية المثل والممثول – إلى العقل الكلي في العالم العلوي يقابله في العالم الجسماني الإمام. فكل صفات العقل الكلي هي صفات للإمام، فهو عندهم الفرد الصمد المنتقم الجبار!!!!!! حقا إنها ديانة فلسفية يونانية ثنوية من صناعة عبد الله بن ميمون بن ديصان القداح اليهودي كما قال رينهارت دوزي، ونلاحظ أن هذه الأفكار قريبة من أفكار الماسونية.

يقوم على رأس جهاز هذه الدعوة المشبوهة الإمام الذي قسم العالم الإسلامي إلى اثنتي عشرة جزيرة يساعده في إدارة هذا الجهاز المكون من 8700عضو اثنا عشر حجة، ولكل حجة ثلاثون نقيبا، وكل نقيب منهم يتصل بأربع وعشرين داعية نصفهم معلن والآخر خفي، وهم منتشرون في الشام واليمن والعراق وبلاد فارس وغيرها إضافة إلى عدد من المساعدين للإمام مثل داعي الدعاة، وباب الأبواب ، وداعي البلاغ، وحجة الإمام، وللدخول في هذا المذهب مراسم وأساليب وطرق ينبغي أن يمتحن المنتسب إلى هذه الطائفة حتى يتوثق منه, ويعطى الأسرار ومن الجدير بالذكر أن محمد بن نصير النميري مؤسس المذهب النصيري من أتباعهم.

ولعل سائلا يسأل ما الهدف من هذا التفصيل الذي له علاقة بشاعر رحل عن الدنيا منذ أكثر من ألف عام؟؟.

الجواب باختصار إن هذه العقائد ما زالت تمارس سياستها الخفية بدهاء ومكر وتقية وتحت شعارات براقة تستهوي الكثير من عامة المسلمين وخاصتهم حيث يدعو أتباع هذه المذاهب الباطنية الناس إلى أفكارهم بالمخادعة؛ إذ يظهر الداعية أمام المدعو في غاية التقشف والزهد في الدنيا، ويتلون كالحرباء بحسب البيئة التي يعيش فيها، فهو سني متطرف أمام أهل السنة، وصوفي من أقطابها في خلواتهم ودورهم كما أنه شيعي متعصب إلى آل البيت، فإذا ما اصطاد إنسانا عن طريق تشكيكه بدينه نقله إلى داع آخر وهكذا يترقى السالك من داع إلى آخر حتى يصل مرحلة تلقي الأسرار الباطنية التي لا صلة لها بأي دين، وتقدم للمدعو ترغيبات كثيرة قوامها شبهات وشهوات يسيل لها اللعاب ممن سلب عقله وتفكيره، وأصبح لا يفكر إلا بدنياه ومذهبه الجديد الذي سقط في حفره دون أن يدري. وأكثر من يقع في أساليبهم هم الفقراء والجهلة, وبعض الشباب الباحث عن المتع الرخيصة.

مخطئ من يظن أن هذه الدعوات قد انتهت، بل هي اليوم أقوى مما كانت عليه في الماضي، وقد استطاعت أن تنشئ أحزابا بأثواب جديدة، وكذلك دولا، وكيانات، ورفعت شعارات، وأسقطت حكومات، وتعاونت مع الشيطان لكي تهدم ما تبقى من قوة للمسلمين، فهل الحديث عنها يعد من نافلة القول والعمل؟!!، وحق للمتنبي أن يجاهد هذه الفئات الضالة، وأن يقدم حياته وروحه فداء لدينه مستنجدا بكل من يتوسم فيه الخير من هذه الأمة سواء كان في مصر أو الشام أو في بلاد فارس، ولقد حذر من خططهم، وكشف الكثير من أحوالهم وهو الذي تعرف عليهم عن كثب، وشاهد ممارساتهم الشاذة , وعاين أفعالهم الحيوانية الصرفة، فهرب من سوادهم ( سواد الكوفة ) وأقسم على أن ينتقم منهم فهل استطاع أن يحقق طموحاته؟ إن الطريق أمامه ليست سهلة معبدة، فالعديد من القبائل والأسر والبلاد والشخصيات قد وقعت في مصائدهم، وآمنت بمذهبهم رغبة ورهبة.  
 
 
 
 


      يقول أبو الطيب عن زعيم القرامطة :
وجيش إمام على ناقــة صحيح الإمامة في الباطل
وكثيرا ما يقول لسيف الدولة الحمداني على الرغم من أنه علوي شيعي، وتعد دولته من الدول التي أقامها الشيعة إلا أنها لم تكن إسماعلية باطنية ،ولا قرمطية، ولا فاطمية ،بل دافعت عن الخلافة العباسية ضد البويهيين.

يقول المتنبي مخاطبا سيف الدولة ومحذرا إياه من الروم والقرامطة:
أنت طول الحياة للروم غــاز فمتى الوعد أن يكون القفول
وسوى الروم خلف ظهرك روم فعلى أي جانبيــك تميـل
وكما قلت في أول المقال بأنني سأتطرق بشيء من التفصيل إلى الأسئلة التي أثيرت حول المتنبي والتي ما زال بعضها تتجاذبه الآراء والأهواء، ويحتاج الباحث لكي يقدم التفسير المقنع والجواب الشافي إلى مزيد من البحث والتمحيص والتنقيب.

وأختم المقال بشيء قاله المتنبي لكي أرطب أذن القارئ بجميل شعره: ( الأبيات في مدح حاكم مصر كافور الإخشيدي ):
كفى بك داء أن ترى الموت شافيـا وحسب المنايا أن يكن أمانيــا
إذا كنت ترضى أن تعيش بذلــة فلا تسْتَعِدَنَّ الحسام اليمانيــا
فما ينفع الأسدَ الحياءُ من الطـوى ولا تُتَّقى حتى تكون ضواريــا
إذا الجود لم يُرْزَقْ خلاصا من الأذى فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
وللنفس أخلاق تدل علـى الفتـى أكان سخاء ما أتى أم تساخيـا
 
 
 
بقلم مالك فيصل الدندشي
 
 
 
 


الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

زواج النور من النور ..علي وفاطمة عليهما السلام في الأول من ذي الحجة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللَهٌمَ صَل عَلى مُحَمْدٍ وَآل  مُحَمْدٍ وعجل فرج قائم آل محمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته









بمناسبة زواج الامام علي بالسيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين عليهما السلام






زواج الإمام علي (عليه السلام) من فاطمة الزهراء (عليها السلام)
تاريخ زواجهما (عليهما السلام) ومكانه:
1 ذو الحجّة 2 هـ، المدينة المنوّرة.
مجيء الإمام علي (عليه السلام) للخطبة:
جاء الإمام علي (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو في منزل أُمّ سلمة، فَسلَّم عليه وجلس بين يديه.
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): (أتَيْتَ لِحاجَة)؟.
فقال الإمام (عليه السلام): (نَعَمْ، أتَيتُ خاطباً ابنتك فاطمة، فهلْ أنتَ مُزوِّجُني)؟.
قالت أُمّ سلمة: فرأيت وجه النبي (صلى الله عليه وآله) يَتَهلَّلُ فرحاً وسروراً، ثمّ ابتسم في وجه الإمام علي (عليه السلام)، ودخل على فاطمة (عليها السلام)، وقال (صلى الله عليه وآله) لها: (إنَّ عَليّاً قد ذكر عن أمرك شيئاً، وإنّي سألتُ ربِّي أن يزوِّجكِ خير خَلقه، فما تَرَين)؟.
فَسكتَتْ، فخرَجَ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو يقول: (اللهُ أكبَرُ، سُكوتُها إِقرارُها)، فأتاه جبرائيل (عليه السلام) فقال: يا محمّد، زوّجها علي بن أبي طالب، فإنّ الله قد رضيها له ورضيه لها.




أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أَنَس بن مالك أن يجمع الصحابة، ليُعلِنَ عليهم نبأ تزويج فاطمة للإمام علي (عليهما السلام).
فلمّا اجتمعوا، قال (صلى الله عليه وآله) لهم: (إنَّ الله تعالى أمَرَني أن أزوِّجَ فاطمة بنت خديجة من علي بن أبي طالب)
خطبة النبي (صلى الله عليه وآله) عند تزويجهما (عليهما السلام):
قال: (الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه، المرغوب إليه فيما عنده، النافذ أمره في أرضه وسمائه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميّزهم بأحكامه، وأعزّهم بدينه، وأكرمهم بنبيّه محمّد.
ثمّ أنّ الله جعل المصاهرة نسباً لاحقاً، وأمراً مفترضاً، وشجّ بها الأرحام، وألزمها الأنام، فقال تبارك اسمه، وتعالى جده: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً) ... .
ثمّ إنّ الله أمرني أن أزوّج فاطمة من علي، وإنّي أشهد أنّي قد زوّجتها إيّاه على أربعمائة مثقال فضة، أرضيتَ)؟.
قال (عليه السلام): (قد رضيت يا رسول الله)، ثمّ خرّ ساجداً، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (بارك الله عليكما، وبارك فيكما، واسعد جدّكما، وجمع بينكما، وأخرج منكما الكثير الطيّب)
خطبة الإمام علي (عليه السلام) عند تزويجه بفاطمة (عليها السلام):
قال: (الحمد لله الذي قرّب حامديه، ودنا من سائليه، ووعد الجنّة من يتّقيه، وانذر بالنار من يعصيه، نحمده على قديم إحسانه وأياديه، حمد من يعلم أنّه خالقه وباريه، ومميته ومحييه، ومسائله عن مساويه، ونستعينه ونستهديه، ونؤمن به ونستكفيه.
ونشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له، شهادة تبلغه وترضيه، وأنّ محمّداً عبده ورسوله (صلى الله عليه وآله) صلاة تزلفه وتحظيه، وترفعه وتصطفيه، والنكاح ممّا أمر الله به ويرضيه، واجتماعنا ممّا قدرّه الله وأذن فيه، وهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) زوّجني ابنته فاطمة على خمسمائة درهم، وقد رضيت، فاسألوه واشهدوا)




قدر مهر الزهراء (عليها السلام):
اختلفت الروايات في قدر مهر الزهراء (عليها السلام)، والصحيح أنّه كان خمسمائة درهم من الفضة، لأنّه مهر السنّة، كما ثبت ذلك من طريق أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، والخمسمائة درهم تساوي 250 مثقالاً من الفضة تقريباً.



جهاز الزهراء (عليها السلام):
جاء الإمام علي (عليه السلام) بالدراهم ـ مهر الزهراء ـ فوضعها بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأمر (صلى الله عليه وآله) أن يجعل ثلثها في الطيب، وثلثها في الثياب، وقبض قبضة كانت ثلاثة وستين لمتاع البيت، ودفع الباقي إلى أُمّ سلمة، فقال: (أبقيه عندك). فاشترى
فراشان من خيش مصر, حشو أحدهما ليف, وحشو الآخر من جز الغنم
نطع من أدم
وسادة من أدم حشوها من ليف النخل
عباءة خيبرية
قربة للماء
كيزان وجرار وعاء للماء
مطهرة للماء مزفّتة
ستر صوف رقيق
قميص بسبعة دراهم
خمار بأربعة دراهم
قطيفة سوداء
سرير مزمل بشريط
أربعة مرافق من أدم الطائف حشوها إذخر
حصير هجري
رحى لليد
مخضب من نحاس
قعب للبن
شنٌّ للماء




وليمة العرس:
قال الإمام علي (عليه السلام): (قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، اصنع لأهلك طعاماً فاضلاً، ثمّ قال: من عندنا اللحم والخبز، وعليك التمر والسمن، فاشتريت تمراً وسمناً، فحسر رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذراعه، وجعل يشدخ التمر في السمن حتّى اتخذه خبيصاً، وبعث إلينا كبشاً سميناً فذبح، وخبز لنا خبزاً كثيراً.
ثمّ قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): أدع من أحببت، فأتيت المسجد، وهو مشحن بالصحابة، فاستحييت أن أشخص قوماً وأدع قوماً، ثمّ صعدت على ربوة هناك، وناديت: أجيبوا إلى وليمة فاطمة، فأقبل الناس أرسالاً، فاستحييت من كثرة الناس وقلّة الطعام، فعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما تداخلني، فقال: يا علي، إنّي سأدعو الله بالبركة).
قال علي (عليه السلام): (وأكل القوم عن آخرهم طعامي، وشربوا شرابي، ودعوا لي بالبركة، وصدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل، ولم ينقص من الطعام شيء، ثمّ دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالصحاف فملئت، ووجّه بها إلى منازل أزواجه، ثمّ أخذ صحفة وجعل فيها طعاماً، وقال: هذا لفاطمة وبعلها)





كيفية الزفاف:
لمّا كانت ليلة الزفاف، أتى (صلى الله عليه وآله) ببغلته الشهباء، وثنى عليها قطيفة، وقال لفاطمة (عليها السلام): (اركبي)، فاركبها وأمر سلمان أن يقود بها إلى بيتها، وأمر بنات عبد المطلّب ونساء المهاجرين والأنصار، أن يمضين في صحبة فاطمة، وأن يفرحن ويرزجن، ويكبّرن ويحمدن، ولا يقلن ما لا يرضي الله تعالى
ثمّ أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) أخذ علياً (عليه السلام) بيمينه، وفاطمة (عليها السلام) بشماله، وضمّهما إلى صدره، فقبّل بين أعينهما، وأخذ بيد فاطمة فوضعها في يد علي، وقال: (بارك الله لكَ في ابنة رسول الله).
وقال (صلى الله عليه وآله): (يا علي، نعم الزوجة زوجتك)، وقال: (يا فاطمة، نعم البعل بعلك)، ثمّ قال لهما: (اذهبا إلى بيتكما، جمع الله بينكما، وأصلح بالكما)، وقام يمشي بينهما حتّى ادخلهما بيتهما .
ثمّ أمر (صلى الله عليه وآله) النساء بالخروج، فخرجن، تقول أسماء بنت عميس: فبقيت في البيت، فلمّا أراد (صلى الله عليه وآله) الخروج رأى سوادي، فقال: (من أنت)؟ فقلت: أسماء بنت عميس، قال: (ألم آمرك أن تخرجي)!.
قلت: بلى يا رسول الله، وما قصدت خلافك، ولكن أعطيت خديجة عهداً، ثمّ حدّثته بما جرى عند وفاة السيّدة خديجة (عليها السلام)، فبكى (صلى الله عليه وآله)، وأجاز لها البقاء
قال الإمام الصادق (عليه السلام): (لولا أنّ الله خلق أمير المؤمنين لفاطمة ما كان لها كفؤ على الأرض)





نظره على اسباب زواجهما عليهما السلام

بعد ما استقرت قدم علي عليه السلام بالمدينة و نزل مع النبي«صلوات الله عليه واله »في دار ابي ايوب الانصاري كان من اللازم ان يقترن بزوجة و كان على النبي«ص»ان يزوجه فهو شاب قد بلغ العشرين او تجاوزها.و التزوج من السنة و من احق من النبي و علي صلوات الله عليهما باتباع السنة،و من هي هذه الزوجة التي يخطبها علي و يقترن بها،و من هي هذه الزوجة التي يختارها له النبي«صلوات الله عليه واله»و يقضي بذلك حقه و حق ابيه ابي طالب؟ليست الا ابنة عمه فاطمة،فلا أكمل و لا افضل منها في النساء،و لا أكمل و لا افضل من علي في الرجال،اذا فتحتم على علي ان يختارها زوجة و على الرسول«صلوات الله عليه واله»ان يختارها له،و لذلك قال النبي«صلوات الله عليه واله»لو لا علي لم يكن لفاطمة كفؤ.و لكن النبي«صلوات الله عليه واله»عند دخوله المدينة كان قد نزل في دار ابي ايوب الانصاري و كان علي معه فيها كما مر،و لم يكن قد بنى لنفسه بيتا و لا لعلي و لذلك لم يزوج عليا اول وروده المدينة و انتظر بناء بيت له،و مع ذلك ففي بعض الروايات الآتية في آخر الكلام انه زوجه بها بعد مقدمه المدينة بخمسة اشهر و بنى بها مرجعه من بدر فيكون قد عقد له عليها و هو في دار ابي ايوب و دخل بها بعد خروجه من دار ابي ايوب بشهرين كما ستعرف،و خطبها ابو بكر ثم عمر الى النبي«صلوات الله عليه واله»مرة بعد اخرى فردهما فمرة يقول انها صغيرة و مرة يقول انتظر بها القضاء.




و ما كانت خطبتهما لها الا لشدة الرغبة في نيل الشرف مع انهما لا يحتملان الاجابة الا احتمالا في غاية الضعف،و الا فكيف يظنان انه يزوجها احدهما مع وجود اخيه و ناصره و ابن عمه الذي ليس عنده زوجة و أفضل اهل بيته و اصحابه،و هو بعد لم ينس فضل ابى طالب العظيم عليه،فلم يكن يتصور متصور انه يزوجها غيره او يرى لها كفؤا سواه،لكن شدة الرغبة و التهالك في شي‏ء قد يدعو الى التشبث في ليله بالاوهام،فقال نفر من الانصار لعلي عندك فاطمة فأتى النبي«ص»فسلم عليه فقال ما حاجتك قال ذكرت فاطمة قال‏مرحبا و اهلا فأخبر النفر بذلك قالوا يكفيك احدهما اعطاك الاهل اعطاك المرحب:ثم ان رسول الله«ص»قال لفاطمة ان عليا يذكرك و هو ممن عرفت قرابته و فضله في الاسلام و اني سألت ربي ان يزوجك خير خلقه و احبهم اليه،فسكتت فقال الله اكبر سكوتها اقرارها.و في الشريعة الاسلامية انه يكفي في رضا البكر السكوت و لا يكفي في الثيب الا الكلام،و كيف لا تسكت فاطمة و لا ترضى و هي قد عرفت عليا في صغره و شبابه و درست اخلاقه و احواله درسا كافيا فانه تربى معها و في بيت ابيها مع ذكائها و فطنتها و كونها ابنة رسول الله«ص»قد تربت في حجره و اقتبست من خلقه و علمه و ابنة خديجة عاقلة النساء و فضلاهن و قد صاحبت فاطمة عليا عليهما السلام في هجرتها من مكة الى المدينة و رأت بعينها شجاعته الخارقة حين لحقه الفوارس الثمانية و كيف قتل جناحهم فقده من كتفه الى قربوس فرسه و هرب اصحابه أذلاء صاغرين،و عرفت كيف كانت محافظته عليها و على رفيقاتها الفواطم الهاشميات في ذلك السفر و حنوه عليها و عليهن و رفقه بها و بهن،و انه لو كان معها ابوها لم يزد عليه في ذلك حتى انه لم يرض ان يسوق بهن ابو واقد سوقا حثيثا في ساعة الخطر و امره بالرفق و لم يبال بذلك الخطر و استهانه و لم يحفل به اعتمادا على شجاعته و بطشه و تأييد الله له فهل يمكن ان تتردد في الرضا بان يكون لها بعلا و تكون له زوجة،و تحقق بذلك صدق ابيها في انه لو لا علي لم يكن لفاطمة كفؤ على وجه الارض،و انما اراد الرسول«ص»باستشارتها الجري على السنة و تعليم امته ان تستأمر المرأة عند ارادة تزويجها و ان لا يستبدوا بها و اظهار كرامة المرأة في استشارتها حتى لو كان ابوها سيد الأنبياء و خاطبها علي بن ابي طالب سيد الامة بعد ابيها و بيانا لخطأ اهل الجاهلية في استبدادهم بالمرأة



كل عام وأنتم بخير
ينعاد عليكم بالخير واليمُن والبركة

فنجان قهوتي توشحَ بالحزن والسواد ..

 
 
 
 
 
 
فنجان قهوتي توشحَ بالحزن والسواد ..
 
 في ذكرى أستشهاد النور المحمدي التاسع (محمد الجواد عليه السلام ) 
 
 
  ألا ياعين جودي للجواد ... وسحي أدمعا علق الفؤاد
فلم لا أبكي من أبكى الرسولا ... وأشجى الطهر حيدر والبتولا
وادهش من عوالمها العقولا ... ومأتمه يقام بكل ناد
ببغداد قضى سما غريبا ... ولم يرسل له أحد طبيبا
بني العباس لا غفر الذنوبا ... لك جبارها رب العباد
صنعت بآل أحمد ما صنعت ... وزدت على أمية ما فعلت
فكم من مرشد منهم قتلت ... كصادقهم وكاظم والجواد
 
 
 
عظم الله اجورنا وأجوركم وأحسن لكم العزاء
 
 
16/أكتوبر/2012

الأنسان الشيعي ..قصيدة للشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي (قدس سره)

 
 
 
 
 
 
 
أنا فكر .. لم يزرع

أنا باب .. لم يشرع

أنا نبض .. لم يهجع

وبقايا حلم - كالنور - يجوب الأفق ولا يقنع

ويصارع كلّ الأجواء .. وكلّ الأشياء .. ولا يصرع

أنا لست كتاباً للتاريخ ، ولا صحفاً يومية.

أنا لست قضايا تحفظ في الأرشيف، ولا حفلات صوفية.

أنا لست سلال الورد على أعتاب المرضى ..

و قبور الأموات
 
 
 

أنا لست الأشياء الأثرية تجتلب السوّاح إلى المتحف

أنا لست قوارير العطر أمام المرآة السكرى

من رائحة المخدع

أنا دمع ينفر - كالبارود -، و عرق يضرب - كالمدفع -

أنا وحي رسول، أحرقه الطاغوت ولم يركع

أنا خبز فقير .. مات ولم يشبع

أنا جرح .. جربها كل سيوف العباس ولم يجزع

أنا شعب .. حاربه كل سلاطين الأتراك ولم يخنع

لكنّ صمود الصخر بقلب الورد ..

وعلم الجفر بكأس الخمر ..

وكلّ القيم العليا ..

لم ينفع






 
ما دام الأصلح يشنق في زنزانة تقواه

و يبقى من لا يتورّع

مادام أبوموسى حكم التاريخ لخلع علي

مادام شريح القاضي يحمل رأس الإسلام

لقصر يزيد

مادام الله يحاكم باسم اللات .. ويعدم في السهرات

ما دامت كلّ الأفكار .. وكل الأنهار ..

تعود إلى الكأس

و كل مشاريع الصلوات .. تسبّح باسم الجنس

ما دامت ظلمات الجو تلوّث فكر الشمس

مادام الشيطان يعوذ باسم الله ،

من الإنسانية .. والإنسان

فأنا سفْر .. مطوي في أكفان

و أنا سرٌّ .. في كتمان

فوراء عناق البسمات ،

رؤى طوفان لم يصدع

وبعمق القبلات ،

سيوف .. وزلازل .. تزرع
 
 
 
 

 
 
 
 
 
 
 





مشاركة مميزة

هذيان قلم خمسيني ..!

عبثاً نكتب ..! وخطوط أيدينا  تنزف صبراً .. 24/مارس/2016 باسمة السعيدي *&*& ...