الأربعاء، 26 سبتمبر 2012

خيرُ جليسٍ في الزمان كتابُ ..




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...


أحبتي ...أولادي وبناتي ...الكرام

 أكتبُ  لكم أنتم يامن كنتم خير الأبناء والأحبة ...




في هذا  الصباح الباكر وأنا أراقب عن كثب  أحدى بناتي  وهي طالبة ثانوي  وكانت  تستعد بكل قوتها وطاقاتها  لتجربة الامتحان الوزاري (البكالوريا ) ..ولمستُ منها انها  في أشد حالات الحيرة والقلق والشد النفسي والعصبي !!

-سألتها : مِما تخافين  بنيتي الصغيرة  ؟؟
-أجابت وعلى الفور : أخاف الأمتحانات النهائية (البكالوريا)..!!
-قلت لها: وما الذي يقلقكِ وقد وفرت لكِ كل الأجواء اللازمة لمراجعة المقررات الدراسية !!
-قالت : لا أدري ربما التوتر والتشنج الحاصل خلال مراجعتي وربما لم أستطع أنهاء كل المواد بالرغم من الدعم المعنوي والنفسي لي ..!!


وأنا أحاورها  ..أستذكرت أيام زمان عندما كنا نؤدي أمتحانات البكالوريا في السادس الأعدادي ..وأيام المراجعة و العادات  المُتبعة  والطقوس الأسطورية  التي كانت تُمارس في البيت والمدرسة على حدٍ سواء ...عندما كنا نضع الجدول الزمني لكل مادة من المواد المقررة و نستعد بروح عالية ومعنويات مرتفعة لأداء الأمتحانات النهائية التي هي بمثابة تحدي وتحديد مصير الطالب آنذاك!!


لقد كانت الثقافة في العراق في أعلى درجاتها وأسمى غاياتها ..!! كان الطالب ومنذ نعومة أظفاره دؤوباً على الدراسة والمطالعة بكافة أنواعها ..الأدبية والأجتماعية والسياسية وحتى البوليسية والفلسفية ومتابعة كل ماهو جديد على الساحة الثقافية !


لكن كيف ..!! ومتى ..!! وأين !! على حد تعبير أبنتي !!


أين !!


وقفت لحظتها عند كلمة باتت اليوم لاوجود لها على أرض الواقع العراقي الا وهي (المكتبة المركزية العامة )...!! أين هي..!! وأين طلابنا منها اليوم وشبابنا وبناتنا ..!! ذلك المكان الرائع الذي ينعم بالثقافة والهدوء وصفاء الذهن و نشاط الذاكرة !!


..كلنا يعود بالماضي الى الطفولة والصبا والشباب ! (نحن جيل الخمسينيات و الستينيات وحتى السبعينيات )..!! جيلٌ ينعم بالثقافة المفرطة التي ورثناها عن أباءنا وأجدادنا ..لكني اليوم أفتقد هذه الثقافة (ثقافة الكتاب )..!! في وطني الذي ضاعت فيه كل الموروثات عن الماضي العبق بتأريخه وثقافاته التي أختلفت من مكان الى اخر داخل الوطن !! هذا الألم الذي أجتاح قلمي الفقير وذاكرتي الهشة الضعيفة !!في هذا الصباح النيساني .. ..!
سؤالي هنا : أين أختفت ظاهرة المكتبات المركزية العامة سواء في بغداد العاصمة أو حتى محافظاتنا العراقية !! للأسف أقولها والألم والحزن يقبعان تحت أضلعي !! لامكان اليوم للمكتبة ولا حتى للكتاب والثقافة !!عذراً لأستاذتي الكرام جميعاً .!!
أنا أعني الجيل الجديد ليس كلهم !! بل شريحة معينة منهم !! وهذا هو محور موضوعي !!وشغلي الشاغل !! ثقافةُ جيلٍ كامل ..!! أين أختفت!! تلك الثقافة الخالدة الرائعة التي رسخت في شاشات الذاكرة وبين طيات العقول الرافضة الى التفكك والانحلال الثقافي !!


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


قبل عدة أيام وأنا في شارع السعدون وبالتحديد في أحدى المكتبات البغدادية التأريخية العريقة التي تضم من الأرثٍ الرائع أنواعاً مختلفة من الكتب التأريخية والصحف والمجلات التي تحمل شذى القِدم والعطر الثقافي الخاص ..!! لشراء بعض الكتب ..أستوقفني شاب عراقي بعمر أبني  أي ما يقارب الـــ 28 عام ..!!كنت أظنه في باديء الأمر أنه على درجة عالية من الثقافة وذلك لأن شكله يوحي للناظر أنه في أعلى درجات الثقافة والأدب والعلم !! لأنه طلب من صاحب المكتبة بعض عناوين وأسماء لكتب قديمة وتأريخية ..ولكنني من كلمة واحدة فقط أدركت ُوتيقنتُ من مستواه الثقافي والعلمي والفكر الخاوي الذي يقبع  داخل تلك الكرة المدورة التي يحملها أعلى كتفيهِ ..!! أذهلني سؤاله ! لكنني نفذّتُ حُكم الأعدام على فكرهِ وعقلهِ !! للأسف أقولها :
كان يطلب الكتب وبعض الصحف لا للقراءة ...!! بل كان الشاب بائع في أسواق الشورجة ويحتاج نوع خاص وجيد من الكتب والمجلات والصحف لجودة وسمُك الورق لكي يعمل منها أكياس (للبهارات والفستق واللوز والكشمش وعباد الشمس وغيرها )...!! تمنيت لو أصرخ في وجهه وألكمهُ على عينهِ ..!! لأنه يستحق ذلك وبكل جدارة !!


قلت لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..أصابني الهلع والوجع !! لما آل اليه مصير عقول هؤلاء !! للأسف أقولها :(لا يقدّرون ولا يثمنّون مجهود الكُتّاب ...والكِتاب ...!!)


ألهذا الحد فقدَ شبابنا عقلهُ وثقافتهُ !! ألم نكن نحن أول الحضارات على وجه الأرض !!وأول من سنَّ وشرّع القوانين في دولة حمورابي سادس ملوك مملكة بابل القديمة الذي وضع الشرائع والسنن قبل الميلاد بــــــــ 1790 عام ودوّن وسطّر القوانين على مسلتهِ الشهيرة !!

لو علِمَ حمورابي بمصير هؤلاء الشباب !! ربما يأخذ بأحدى يديهِ التي كتبت وسنّت وشرّعت فأساً ويبدأ بكسر مسلتهِ أو أحراقها و كل القوانين والأنظمة التي شرّعها آنذاك !!


حكمة قديمة :....أطلب العلم من المهدِ الى اللحدِ...!!

أي مهدٍ ..وأي لحدٍ ...!! في مكتبة بشارع السعدون في بغداد لقيّت الثقافة والكتب مصرعها على أيدي باعة الشورجة !! كيف لو كان العلم في الصين ...!! هل ستنتحر الكتب على أسوار الصين العظيم ..!!

( الحفاظ على كلمات الأستاذ هي الجرعة التي تقوي قلبك )
أتمنى لكل طلبتنا الأعزاء النجاح الباهر في عامهم الدراسي الحالي وان يطلبوا العلم وأن كان في المكتبة المركزية العامة في كل المحافظات لانها أفضل من المهدِ والصين ...!!


 


تحياتي لكم وفائق التقدير



 


30/أبريل/2012



باسمة السعيدي


هناك تعليق واحد:

  1. الست باسمه العراق لكي الحق في ماقررتي من حكم على هذا الشاب لانه يهدر الثمين في ابخس الاشياء ولكن السوأل هل الحكم يصدر فقط وفقط على هذا الشاب الذي يقتات رزقه على بعض المكسارت لكي يعيش بدلا من اللجوء للسرقه ام الحكم عام لكل من جعل من تراث امتي يتهاوى شيئا فشيئا جراء سياسه خاويه وادارة فاشله وعدم التخطيط لها ,وانا متيقن بان هذا الشاب ليس بجاهل ويعرف الكتب لانه سال عن عناوين كتب وكيف للجاهل ان يعرف عنوان كتاب قديم لم يقراءه ولكن انا اقول هذا الشاب من الخريجين ومن كثرة ما لاقى وعانى من هذة الحكومه وقد افنى عمرة في الدراسه والمحصله هي بلا تعين وذهب عمره هكذا فاخذ ينتقم من الكتب التي درسها ولم تنفعه في مستقبله فاخذ يمزق بها علها تفيده في بيع المكسرات بدل الشهاده التي لامستقبل بها على ارض بلادي واخيرا عذرا سيدتي للااطاله واقول والله لكي الحق في ان تندبي حظ الثقافه والتراث العريق في عراق الخير والبركه .واتمنى ان لاتطول هذه المحنه على بلدي وان يستيقظ من سبات الجهل والا مبالاة وان يسعى جاهدا للسير في خطى العلم والثقافه ,سلمتي لنا وتقبلي مروري وخالص مودتي

    ردحذف

مشاركة مميزة

هذيان قلم خمسيني ..!

عبثاً نكتب ..! وخطوط أيدينا  تنزف صبراً .. 24/مارس/2016 باسمة السعيدي *&*& ...