الســـــــــلام عليكم ورحمه الله جميعا
دخلت ابحث عن برنامج ومن خلال ذالك وجدت موضوع خاطرتي الى استاذتي وسيدة الحرف الذهبي الاستاذه باسمه السعيدي فااحببت ان اهديكم واياها تلك القصيده اتمنى ان تنال رضاكم واستودعكم الله واتمنى الى صرحكم المبارك كل الموفقيه
الشاعر والاديب العراقي المغترب
زين العابدين احمد الشاعر
دخلت ابحث عن برنامج ومن خلال ذالك وجدت موضوع خاطرتي الى استاذتي وسيدة الحرف الذهبي الاستاذه باسمه السعيدي فااحببت ان اهديكم واياها تلك القصيده اتمنى ان تنال رضاكم واستودعكم الله واتمنى الى صرحكم المبارك كل الموفقيه
الشاعر والاديب العراقي المغترب
زين العابدين احمد الشاعر
عشْرُونَ عَاماً كَالطَّرِيدِ مُهَجَّراً
نَزَلَ الأَسَى فَوقَ الأَسَى بِدِيَارِي
وَامْتَدََّ كَالطُّوفَانِ كَالإعْصَارِ
فَجَدَاوِلُُ الدَّمْعِ الْغَزِيرِ كَثِيرَةٌ
تَجْرِي عَلَى الْوَجنَاتِ كَالأَنْهَارِ
وَبِكُلِّ عَينٍ عَينُ دَمْعٍ لَونُهَا
يُغْنِي عَنِ الإِعْلانِ وَالإِسْرَارِ
والْمَوتُ حَقٌّ، والْحَيَاةُ قَصِيرَةٌ
مَهْمَا اسْتَطَالَتْ مُدَّةُ الأَعْمَارِ
والنَّاسُ تَلْهُو، أَو تُفَكِّرُ إِنَّمَا
حُكْمُ الْقَضَاءِ يُطِيحُ بِالأَفْكَارِ
ويُحَوِّلُ الْفَرَحَ الْمُغَرِّدَ مَاتَماً
يَرْمِي قُلُوبَ النَّاسِ فِي الأَعْشَارِ
ويُبَدِّلُ الَّلحْنَ الطَّرُوبَ مَنَاحَةً
ويُنَغِّصُ الأَفْرَاحَ بِالأَكْدَارِ
ويُكَابِدُ الآلامَ - في أَحْزَانِهِ -
مُتَضَارِبَ الأَفْكَارِ فِي الدَّوَارِ
عشْرُونَ عَاماً !! كَالطَّرِيدِ مُهَجَّراً
فِي عَالَمِ الْحَدَّادِ والْبِيطَارِ
لا أَسْتَطِيعُ زِيَارَةَ الْوَطَنِ الَّذِي
أَضْحَى ضَحِيَّةَ عُصْبَةِ الْجَزَّارِ
بَطَشَتْ بِشَعْبِهِ طُغْمَةٌ هَمَجِيَّةٌ
وتَبَجَّحَتْ بِفَظَاعَةِ الأَوزَارِ
سَجَنَتْ سُرَاةَ شُعُوبِنَا بِشُيُوخِهِمِ
وشَبَابِهِمْ فِي أَسْوَأ الأَوكَارِ
وتَفَرَّقَ الشَّمْلُ الْحَبِيبُ، وهَاجَرَتْ
- مِنَّا - الأُلُوفُ كَهِجْرَةِ الأَطْيَارِ
لاَكِنَّ بَعْضَ الطَّيرِ يَرْجِعُ حِينَمَا
يَاتِي الرَّبِيعُ بِحُلَّةِ الأَشْجَارِ
وتَمُوتُ آلافُ الطُّيُورِ - غَرِيبَةً !!
مَنْسِيَّةً - بِحَدَائِقِ الأَزْهَارِ
أَمَّا أَنَا فَقَدِ ابْتَعَدْتُ، ولَمْ أَمُتْ
لَكِنَّنِي كَالْغُصْنِ دُونَ ثِمَارِ !!
كَالْغُصْنِ والأَعْوَامُ تَنْشُرُ أَضْلُعِي
والْغُصْنُ لا يَقْوَى عَلَى الْمِنْشَارِ
فَرْداً حَزِنْتُ، ومَا فَرِحْتُ، ولا أَتَى
خَبَرٌ يُفَرِّجُ كُرْبَةَ الْمحْتَارِ
وغَرِقْتُ فِي الأَحْزَانِ -بَعْدَ تَفَاؤُلِي-
فَهَتَفْتُ بِالطَّبَّالِ والزَّمَّارِ :
كُفَّا فَمَا قَرْعُ الطُّبُولِ بِنَافِعٍ
- أَبَداً - ولا التَّزْمِيرُ بِالْمِزْمَارِ
إِنِّي سَئِمْتُ مِنَ الْحَيَاةِ، ومَا بِهَا
مِنْ كَثْرَةِ الأَخْطَارِ والإِخْطَارِ
وفَقَدْتُ أُمِي نَائِياً، ومُهَجَّراً
فِي لُجَّةِ الإِحْبَاطِ والإِصْرَارِ
فَأَضَعْتُ بُوصِلَةَ النَّجَاةِ بِفَقْدِهَا
وفَقَدْتُ يَنْبُوعاً مِنَ الإِيثَارِ
ورَجَعْتُ كَالطِّفْلِ الصَّغِيرِ - مُوَلْوِلاً -
أَتَجَنَّبُ الأَمْوَاجَ كَالْبَحَّارِ
لَكِنَّ مَوجَ الْحُزْنِ أَغْرَقَ مَرْكَبِي
وتَحَطَّمَ الْمِجْدَافُ بَعْدَ الصَّارِي
وفَقَدْتُ مَنْ فَجَعَ الأَحِبَّةَ مَوتُهَا
والْمَوتُ حَقٌّ مَا بِهِ مِنْ عَارِ
لَكِنَّهُ مُرٌّ يُفَرِّقُ شَمْلَنَا
بِصَرَامَةٍ كَالصَّارِمِ الْبَتَّارِ
فَصَرَخْتُ : وَاأُمَّاهُ !! وارْتَدَّ الصَّدَى
مُتُفَاوِتَ الإِخْفَاءِ والإِظْهَارِ
وبَكَيتُ مَجْرُوحَ الْفُؤَآدِ مُنَاجِياً:
أُمِّي، بِدَمْعٍ نَازِفٍ مِدْرَارِ
لاَ أَرْتَجِي أُمًّا سِواكِ ولَيسَ لِي
إِلاكِ مِنْ عَونٍ ومِنْ أَنْصَارِ
وأَعَدْتُ : واأُمَّاهُ !! دُونَ إِجَابَةٍ
تُغْنِي عَنِ الأَبْرَارِ، والأَشْرَارِ
وغَرِقْتُ فِي الْحَسَرَاتِ بَعْدَ فِرَاقِهَا
- فَرْداً - ولَمْ أَسْمَرْ مَعَ السُّمَّارِ
فَرْداً غَرِيبَاً نَائِياً ومُهَجَّراً
ومُطَوَّقاً بِوَسَائِلِ الإِنْذَارِ
لَكنَّنِي مِنْ أُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ
مَحْمُودَةِ الإِيرَادِ والإِصْدَارِ
غَدَرَ الزَّمَانُ بِهَا، وفَرَّقَ شَمْلَهَا
فِي الْكَونِ بَينَ حَوَاضِرٍ وقِفَارِ
وطَغَتْ عَلَيهَا الْحَادِثَاتُ فَكَسَّرَتْ
مِنْ شَعْبِهَا الْفَخَارَ بَالْفَخَّارِ
هِيَ أُمَّةٌ !! شَاهَدْتُهَا مَقْتُولَةً
مَا بَينَ رِعْدِيدٍ ووَحْشٍ ضَارِ
هِيَ أُمَّةٌ عَرَبِيَّةٌ قَدْ سَلَّمَتْ
مَحْصُولَ مَا زَرَعَتْ إِلَى النُّظَّارِ
فَتَقَاسَمَ النُّظَّارُ زَهْرَ تُرَاثِهَا
بِمَشَارِطِ الأَنْيَابِ والأَظْفَارِ
حَتَّى إِذَا وَقَعَ الْبَلاءُ وخُدِّرَتْ
بِالسِّحْرِ، وانْقَادَتْ إِلَى السَّحَّارِ
قَامَتْ جُمُوعُ الأُمَّهَاتِ إِلَى الْوَغَى
ثَكْلَى الْقُلُوبِ، قَوِيَّةَ الإِصْرَارِ
فَدُمُوعُهنْ : جَدَاوِلٌ رَقْرَاقَةٌ
وجُيُوبُهُنَّ : مَنِيعَةُ الأَزْرَارِ
وقُلُوبُهُنَّ : مَشَاعِلٌ وَضَّاءةٌ
ووُجُوهُهُنَّ : جَلِيلَةُ الإِسْفَارِ
يَصْنَعْنَ - مِنْ جُبْنِ الرِّجَالِ - شَجَاعَةً
مَمْزُوجَةً بِجَسَارَةِ الْمِغْوَارِ
مِنْهُنَّ أُمِّي، والأُمُومَةُ نِعْمَةٌ
عُلْوِيَّةٌ تَعْلُو عَلَى الأَطْوَارِ
لَمْ أَدْرِ كَيفَ فَقَدْتُهَا؟ فِي غُرْبَةٍ
مَرْفُوضَةٍ طَالَتْ وَرَاءَ بِحَارِ
لَكِنَّنِي أَحْسَسْتُ أَنَّ خَيَالَهَا
كَالنُّورِ - يُومِضُ دَائِماً - بِجِوَارِي
ويُنِيرُ لِي دَرْبَ الْهِدَايَةِ والتُّقَى
ومَنَاقِبَ الْعُبْدَانِ والأحْرَارِ
ويَقُولُ لِي : مَا زِلْتُ أَحْيَا بَينَكُمْ
- سِرا- وأَسْتَعْصِي عَلَى الأَبْصَارِ
لَكِنَّ أَصْحَابَ الْبَصَائِرِ قَدْ رَأَوا
- بالسِّرِّ - مَا اسْتَخْفَى مِنَ الأَسْرَارِ
فَأَجَبْتُ: فِعْلاً قَدْ شَعَرْتُ بِطَيفِهَا
كَنَسَائِمِ الْفِرْدَوسِ فِي الأَسْحَارِ
وأَنَارَ لِي كُلَّ الدُّرُوبِ وأَسْفَرَتْ
شَمْسٌ تُشِعُّ النُّورَ فِي الأقْمَارِ
أَنْوَارُ أُمِّي لا تُحَدُّ -كَحُبِّهَا
وحَنَانِهَا- بِمَنَاعَةِ الأَسْوَارِ
أُمِّي تَسِيرُ بِجَانِبِي -في غُربتي-
وتُنِيرُ لِي طُرُقاً بِكُلِّ مَسَارِ
تَجْتَازُ حُرَّاسَ الْحُدُودِ حَنُونَةً
وتُبَدِّدُ الأَوهَامَ بِالأَنْوَارِ
وتَبُثُّ -فِي رَوعِي- ثَبَاتاً مُطْلَقاً
بِعَدَالَةِ اللهِ الرَّحِيمِ الْبَارِي
وتُلَطِّفُ الْحُزنَ الْمُخَيِّمَ بَعْدَمَا
سَالَتْ دُمُوعُ الْقَومِ كَالتَّيَّارِ
وتُنِيرُ لِي دَرْباً ولَيلاً مُظْلِماً
عِنْدَ اضْطِرَابِي، واضْطِرَابِ قَرَارِي
ضَاءتْ -بِنُورِ اللهِ جَلَّ جَلالُهُ-
كَالْفَجْرِ وانْطَلَقَتْْ مَعَ الأَطْيَارِ
لِتَصُوغَ مَلْحَمَةَ الْوَفَاءِ -مِنَ الْهُدَى-
حَتَّى يَصِيرَ اللَّيلُ مِثْلَ نَهَارِ
فَأَرَى دُرُوبَ الْحَقِّ -بَعْدَ ضَلالَةٍ-
مَكْشُوفَةً تَبْدُو بِلا أَسْتَارِ
لأَسِيرَ فِي دَرْبِ الْهِدَايَةِ - حَسْبَمَا
رَسَمَتْهُ أُمِّي - رغْمَ كُلِّ غُبَارِ
فَالأُمُّ - فِي لَيلِ الْمَكَارِهِ - شُعْلَةٌ
والأُمُّ يَنْبُوعٌ لِكُلِّ فَخَارِ
والأُمُّ فِي الْلَيلِ الْبَهِيمِ مَنَارَةٌ
تَحْنُو عَلَى الْوَلَدِ الْغَرِيبِ السَّارِي
والأُمُّ -إِنْ بَخِلَ الْجَمِيعُ- كَرِيمَةٌ
وعَطَاؤُهَا مُتَوَاصِلُ الأَطْوَارِ
لَكِنَّ مَوتَ الأُمِّ يُعْقِبُ -فِي الْحَشَا
والْقَلْبِ- شُعْلَةَ مَارِجٍ مِنْ نَارِ
كَمْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُقَبِّلَ قَبْرَهَا
وأَخِرَّ مَغْشِيًّا عَلَى الأَحْجَارِ
لأُخَبِّرَ الأُمَّ الْحَنُونَ بِأَنَّنِي
-مِنْ بَعْدِهَا- الْمَفْؤُودُ دُونَ عَقَارِ
صَارَتْ حَيَاتِي - بَعْدَ أُمِّي - مَسْرَحاً
لِلدَّمْعِ والآهَاتِ والتَّذْكَارِ
أُمَّاهُ !! طَيفُكِ - دَائِماً - يَحْيَا مَعِي
ويَقُولُ لِي: جَاهِدْ مَعَ الأَطْهَارِ
فَلِذَا سَأَبْقَى مَا حَيِيتُ مُجَاهِداً
عَسْفَ الطُّغَاةِ، وبَاطِلَ الْفُجَّارِ
أَنَا لَنْ أُسَاوِمَ إِنْ تَفَاوَضَ بَائِعٌ
مَهْمَا تَنَازَلَ سَادَةُ السِّمْسَارِ
إِنَّ الْوَفَاءَ - لِرُوحِ أُمِّي - يَقْتَضِي
حِفْظَ الْحُقُوقِ بِهِمَّةٍ ووَقَارِ
ولِرُوحِهَا مِنِّي التَّحِيَّةُ كُلَّمَا
لَمَعَتْ سُيَوفُ الْحَقِّ بِالْمِضْمَارِ
ولِرُوحِهَا مِنِّي التَّحِيَّةُ كُلَّمَا
جَادَتْ غُيُومُ الْحُبِّ بِالأَمْطَارِ
ولِرُوحِهَا رُوحِي الْفِدَاءُ لِتُفْتَدَى
مَرْفُوعَةَ الأَعْلامِ والأَكْوَارِ
أُمِّي الْقَرِيبَةُ -مِنْ فُؤَادِيَ- دَائِماً
لَمْ يَنْفِهَا نَفْيٌ، وبُعْدُ مَزَارِ
النقد والتعليق:-
زين العابدين الشاعر 1998بيروت
نَزَلَ الأَسَى فَوقَ الأَسَى بِدِيَارِي
وَامْتَدََّ كَالطُّوفَانِ كَالإعْصَارِ
فَجَدَاوِلُُ الدَّمْعِ الْغَزِيرِ كَثِيرَةٌ
تَجْرِي عَلَى الْوَجنَاتِ كَالأَنْهَارِ
وَبِكُلِّ عَينٍ عَينُ دَمْعٍ لَونُهَا
يُغْنِي عَنِ الإِعْلانِ وَالإِسْرَارِ
والْمَوتُ حَقٌّ، والْحَيَاةُ قَصِيرَةٌ
مَهْمَا اسْتَطَالَتْ مُدَّةُ الأَعْمَارِ
والنَّاسُ تَلْهُو، أَو تُفَكِّرُ إِنَّمَا
حُكْمُ الْقَضَاءِ يُطِيحُ بِالأَفْكَارِ
ويُحَوِّلُ الْفَرَحَ الْمُغَرِّدَ مَاتَماً
يَرْمِي قُلُوبَ النَّاسِ فِي الأَعْشَارِ
ويُبَدِّلُ الَّلحْنَ الطَّرُوبَ مَنَاحَةً
ويُنَغِّصُ الأَفْرَاحَ بِالأَكْدَارِ
ويُكَابِدُ الآلامَ - في أَحْزَانِهِ -
مُتَضَارِبَ الأَفْكَارِ فِي الدَّوَارِ
عشْرُونَ عَاماً !! كَالطَّرِيدِ مُهَجَّراً
فِي عَالَمِ الْحَدَّادِ والْبِيطَارِ
لا أَسْتَطِيعُ زِيَارَةَ الْوَطَنِ الَّذِي
أَضْحَى ضَحِيَّةَ عُصْبَةِ الْجَزَّارِ
بَطَشَتْ بِشَعْبِهِ طُغْمَةٌ هَمَجِيَّةٌ
وتَبَجَّحَتْ بِفَظَاعَةِ الأَوزَارِ
سَجَنَتْ سُرَاةَ شُعُوبِنَا بِشُيُوخِهِمِ
وشَبَابِهِمْ فِي أَسْوَأ الأَوكَارِ
وتَفَرَّقَ الشَّمْلُ الْحَبِيبُ، وهَاجَرَتْ
- مِنَّا - الأُلُوفُ كَهِجْرَةِ الأَطْيَارِ
لاَكِنَّ بَعْضَ الطَّيرِ يَرْجِعُ حِينَمَا
يَاتِي الرَّبِيعُ بِحُلَّةِ الأَشْجَارِ
وتَمُوتُ آلافُ الطُّيُورِ - غَرِيبَةً !!
مَنْسِيَّةً - بِحَدَائِقِ الأَزْهَارِ
أَمَّا أَنَا فَقَدِ ابْتَعَدْتُ، ولَمْ أَمُتْ
لَكِنَّنِي كَالْغُصْنِ دُونَ ثِمَارِ !!
كَالْغُصْنِ والأَعْوَامُ تَنْشُرُ أَضْلُعِي
والْغُصْنُ لا يَقْوَى عَلَى الْمِنْشَارِ
فَرْداً حَزِنْتُ، ومَا فَرِحْتُ، ولا أَتَى
خَبَرٌ يُفَرِّجُ كُرْبَةَ الْمحْتَارِ
وغَرِقْتُ فِي الأَحْزَانِ -بَعْدَ تَفَاؤُلِي-
فَهَتَفْتُ بِالطَّبَّالِ والزَّمَّارِ :
كُفَّا فَمَا قَرْعُ الطُّبُولِ بِنَافِعٍ
- أَبَداً - ولا التَّزْمِيرُ بِالْمِزْمَارِ
إِنِّي سَئِمْتُ مِنَ الْحَيَاةِ، ومَا بِهَا
مِنْ كَثْرَةِ الأَخْطَارِ والإِخْطَارِ
وفَقَدْتُ أُمِي نَائِياً، ومُهَجَّراً
فِي لُجَّةِ الإِحْبَاطِ والإِصْرَارِ
فَأَضَعْتُ بُوصِلَةَ النَّجَاةِ بِفَقْدِهَا
وفَقَدْتُ يَنْبُوعاً مِنَ الإِيثَارِ
ورَجَعْتُ كَالطِّفْلِ الصَّغِيرِ - مُوَلْوِلاً -
أَتَجَنَّبُ الأَمْوَاجَ كَالْبَحَّارِ
لَكِنَّ مَوجَ الْحُزْنِ أَغْرَقَ مَرْكَبِي
وتَحَطَّمَ الْمِجْدَافُ بَعْدَ الصَّارِي
وفَقَدْتُ مَنْ فَجَعَ الأَحِبَّةَ مَوتُهَا
والْمَوتُ حَقٌّ مَا بِهِ مِنْ عَارِ
لَكِنَّهُ مُرٌّ يُفَرِّقُ شَمْلَنَا
بِصَرَامَةٍ كَالصَّارِمِ الْبَتَّارِ
فَصَرَخْتُ : وَاأُمَّاهُ !! وارْتَدَّ الصَّدَى
مُتُفَاوِتَ الإِخْفَاءِ والإِظْهَارِ
وبَكَيتُ مَجْرُوحَ الْفُؤَآدِ مُنَاجِياً:
أُمِّي، بِدَمْعٍ نَازِفٍ مِدْرَارِ
لاَ أَرْتَجِي أُمًّا سِواكِ ولَيسَ لِي
إِلاكِ مِنْ عَونٍ ومِنْ أَنْصَارِ
وأَعَدْتُ : واأُمَّاهُ !! دُونَ إِجَابَةٍ
تُغْنِي عَنِ الأَبْرَارِ، والأَشْرَارِ
وغَرِقْتُ فِي الْحَسَرَاتِ بَعْدَ فِرَاقِهَا
- فَرْداً - ولَمْ أَسْمَرْ مَعَ السُّمَّارِ
فَرْداً غَرِيبَاً نَائِياً ومُهَجَّراً
ومُطَوَّقاً بِوَسَائِلِ الإِنْذَارِ
لَكنَّنِي مِنْ أُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ
مَحْمُودَةِ الإِيرَادِ والإِصْدَارِ
غَدَرَ الزَّمَانُ بِهَا، وفَرَّقَ شَمْلَهَا
فِي الْكَونِ بَينَ حَوَاضِرٍ وقِفَارِ
وطَغَتْ عَلَيهَا الْحَادِثَاتُ فَكَسَّرَتْ
مِنْ شَعْبِهَا الْفَخَارَ بَالْفَخَّارِ
هِيَ أُمَّةٌ !! شَاهَدْتُهَا مَقْتُولَةً
مَا بَينَ رِعْدِيدٍ ووَحْشٍ ضَارِ
هِيَ أُمَّةٌ عَرَبِيَّةٌ قَدْ سَلَّمَتْ
مَحْصُولَ مَا زَرَعَتْ إِلَى النُّظَّارِ
فَتَقَاسَمَ النُّظَّارُ زَهْرَ تُرَاثِهَا
بِمَشَارِطِ الأَنْيَابِ والأَظْفَارِ
حَتَّى إِذَا وَقَعَ الْبَلاءُ وخُدِّرَتْ
بِالسِّحْرِ، وانْقَادَتْ إِلَى السَّحَّارِ
قَامَتْ جُمُوعُ الأُمَّهَاتِ إِلَى الْوَغَى
ثَكْلَى الْقُلُوبِ، قَوِيَّةَ الإِصْرَارِ
فَدُمُوعُهنْ : جَدَاوِلٌ رَقْرَاقَةٌ
وجُيُوبُهُنَّ : مَنِيعَةُ الأَزْرَارِ
وقُلُوبُهُنَّ : مَشَاعِلٌ وَضَّاءةٌ
ووُجُوهُهُنَّ : جَلِيلَةُ الإِسْفَارِ
يَصْنَعْنَ - مِنْ جُبْنِ الرِّجَالِ - شَجَاعَةً
مَمْزُوجَةً بِجَسَارَةِ الْمِغْوَارِ
مِنْهُنَّ أُمِّي، والأُمُومَةُ نِعْمَةٌ
عُلْوِيَّةٌ تَعْلُو عَلَى الأَطْوَارِ
لَمْ أَدْرِ كَيفَ فَقَدْتُهَا؟ فِي غُرْبَةٍ
مَرْفُوضَةٍ طَالَتْ وَرَاءَ بِحَارِ
لَكِنَّنِي أَحْسَسْتُ أَنَّ خَيَالَهَا
كَالنُّورِ - يُومِضُ دَائِماً - بِجِوَارِي
ويُنِيرُ لِي دَرْبَ الْهِدَايَةِ والتُّقَى
ومَنَاقِبَ الْعُبْدَانِ والأحْرَارِ
ويَقُولُ لِي : مَا زِلْتُ أَحْيَا بَينَكُمْ
- سِرا- وأَسْتَعْصِي عَلَى الأَبْصَارِ
لَكِنَّ أَصْحَابَ الْبَصَائِرِ قَدْ رَأَوا
- بالسِّرِّ - مَا اسْتَخْفَى مِنَ الأَسْرَارِ
فَأَجَبْتُ: فِعْلاً قَدْ شَعَرْتُ بِطَيفِهَا
كَنَسَائِمِ الْفِرْدَوسِ فِي الأَسْحَارِ
وأَنَارَ لِي كُلَّ الدُّرُوبِ وأَسْفَرَتْ
شَمْسٌ تُشِعُّ النُّورَ فِي الأقْمَارِ
أَنْوَارُ أُمِّي لا تُحَدُّ -كَحُبِّهَا
وحَنَانِهَا- بِمَنَاعَةِ الأَسْوَارِ
أُمِّي تَسِيرُ بِجَانِبِي -في غُربتي-
وتُنِيرُ لِي طُرُقاً بِكُلِّ مَسَارِ
تَجْتَازُ حُرَّاسَ الْحُدُودِ حَنُونَةً
وتُبَدِّدُ الأَوهَامَ بِالأَنْوَارِ
وتَبُثُّ -فِي رَوعِي- ثَبَاتاً مُطْلَقاً
بِعَدَالَةِ اللهِ الرَّحِيمِ الْبَارِي
وتُلَطِّفُ الْحُزنَ الْمُخَيِّمَ بَعْدَمَا
سَالَتْ دُمُوعُ الْقَومِ كَالتَّيَّارِ
وتُنِيرُ لِي دَرْباً ولَيلاً مُظْلِماً
عِنْدَ اضْطِرَابِي، واضْطِرَابِ قَرَارِي
ضَاءتْ -بِنُورِ اللهِ جَلَّ جَلالُهُ-
كَالْفَجْرِ وانْطَلَقَتْْ مَعَ الأَطْيَارِ
لِتَصُوغَ مَلْحَمَةَ الْوَفَاءِ -مِنَ الْهُدَى-
حَتَّى يَصِيرَ اللَّيلُ مِثْلَ نَهَارِ
فَأَرَى دُرُوبَ الْحَقِّ -بَعْدَ ضَلالَةٍ-
مَكْشُوفَةً تَبْدُو بِلا أَسْتَارِ
لأَسِيرَ فِي دَرْبِ الْهِدَايَةِ - حَسْبَمَا
رَسَمَتْهُ أُمِّي - رغْمَ كُلِّ غُبَارِ
فَالأُمُّ - فِي لَيلِ الْمَكَارِهِ - شُعْلَةٌ
والأُمُّ يَنْبُوعٌ لِكُلِّ فَخَارِ
والأُمُّ فِي الْلَيلِ الْبَهِيمِ مَنَارَةٌ
تَحْنُو عَلَى الْوَلَدِ الْغَرِيبِ السَّارِي
والأُمُّ -إِنْ بَخِلَ الْجَمِيعُ- كَرِيمَةٌ
وعَطَاؤُهَا مُتَوَاصِلُ الأَطْوَارِ
لَكِنَّ مَوتَ الأُمِّ يُعْقِبُ -فِي الْحَشَا
والْقَلْبِ- شُعْلَةَ مَارِجٍ مِنْ نَارِ
كَمْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُقَبِّلَ قَبْرَهَا
وأَخِرَّ مَغْشِيًّا عَلَى الأَحْجَارِ
لأُخَبِّرَ الأُمَّ الْحَنُونَ بِأَنَّنِي
-مِنْ بَعْدِهَا- الْمَفْؤُودُ دُونَ عَقَارِ
صَارَتْ حَيَاتِي - بَعْدَ أُمِّي - مَسْرَحاً
لِلدَّمْعِ والآهَاتِ والتَّذْكَارِ
أُمَّاهُ !! طَيفُكِ - دَائِماً - يَحْيَا مَعِي
ويَقُولُ لِي: جَاهِدْ مَعَ الأَطْهَارِ
فَلِذَا سَأَبْقَى مَا حَيِيتُ مُجَاهِداً
عَسْفَ الطُّغَاةِ، وبَاطِلَ الْفُجَّارِ
أَنَا لَنْ أُسَاوِمَ إِنْ تَفَاوَضَ بَائِعٌ
مَهْمَا تَنَازَلَ سَادَةُ السِّمْسَارِ
إِنَّ الْوَفَاءَ - لِرُوحِ أُمِّي - يَقْتَضِي
حِفْظَ الْحُقُوقِ بِهِمَّةٍ ووَقَارِ
ولِرُوحِهَا مِنِّي التَّحِيَّةُ كُلَّمَا
لَمَعَتْ سُيَوفُ الْحَقِّ بِالْمِضْمَارِ
ولِرُوحِهَا مِنِّي التَّحِيَّةُ كُلَّمَا
جَادَتْ غُيُومُ الْحُبِّ بِالأَمْطَارِ
ولِرُوحِهَا رُوحِي الْفِدَاءُ لِتُفْتَدَى
مَرْفُوعَةَ الأَعْلامِ والأَكْوَارِ
أُمِّي الْقَرِيبَةُ -مِنْ فُؤَادِيَ- دَائِماً
لَمْ يَنْفِهَا نَفْيٌ، وبُعْدُ مَزَارِ
النقد والتعليق:-
زين العابدين الشاعر 1998بيروت
*&*&*&
شهر 7/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق